كشفت وسائل إعلام محلية مقربة من النظام السوري أن "لجنة التفتيش الحزبي" التابعة لحزب "البعث" تقوم بمراجعة شاملة وتدقيق في سجلات القيادة المركزية للحزب، بعد تحقيقات أظهرت فساداً مالياً واختلاسات بمليارات الليرات تورط فيها قياديون نافذون.
وبحسب موقع "الجمل" المحلي، تأتي عملية التفتيش كجزء من "الخطة الاستراتيجية لمكافحة الفساد داخل الهيكل السياسي التنظيمي الرئيسي للدولة"، التي وجه بها رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال اجتماعه الأخير مع قيادة اللجنة المركزية السابقة للحزب.
تدقيق شامل واسترجاع أملاك الحزب
تشمل عمليات التدقيق والتحقيقات أملاك الحزب من عقارات ومركبات، إضافة إلى الصرفيات المالية واستثمارات الحزب مثل جامعة الشام الخاصة. وذكرت المصادر أن لجنة التفتيش الحزبي أوصت بإصلاح الخلل الإداري في توزيع المساكن، حيث تم إخلاء العشرات من الأشخاص الذين شغلوا المساكن بغير وجه حق بناء على توجيهات شفهية وعلاقات شخصية.
اعتقالات وتحقيقات واسعة
أكدت المصادر المطلعة على سير التحقيقات أن التحقيقات شملت مديرين نافذين في قيادة حزب "البعث"، منهم مدير المكتب المالي والمكتب الفني ومدير الشؤون القانونية. وكشفت التحقيقات عن فساد مالي وهدر للمال العام يقدر بعشرات المليارات. تم استرجاع مئات آلاف الدولارات فور بدء التحقيقات، وتستمر التحقيقات في كشف المزيد من حلقات الفساد داخل الحزب وخارجه.
فساد في جامعة "الشام الخاصة"
في سياق متصل، شملت التحقيقات عمليات صرف مالي في جامعة "الشام الخاصة"، حيث تم اكتشاف فساد ملياري في مشتريات الجامعة، مثل آليات النقل وكراسي عيادات طب الأسنان، التي بلغت فواتيرها ملايين الدولارات. كما تم الكشف عن ودائع شخصية في المصارف تعود لأموال الجامعة، مما أدى إلى توقيف بعض المسؤولين عن هذه التجاوزات.
سوريا تحتل المرتبة الأولى في الفساد العالمي
تأتي هذه التحقيقات في وقت تحتل فيه سوريا المرتبة الأولى في قائمة مؤشر الفساد العالمي لعام 2023، وفقاً لتصنيف "منظمة غلوبال ريسك". وسبق أن أشار تقرير أممي إلى أن الفساد المتنامي كان أحد الأسباب الرئيسية وراء الثورة السورية عام 2011.
بشار الأسد، وعلى خطى والده حافظ الأسد، اعتمد على منظومة محكمة من المحسوبية والولاء العائلي للحفاظ على السلطة، مما أدى إلى تفشي الفساد في كل جوانب الدولة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والهيئات الحكومية.
مستقبل غير واضح
مع استمرار التحقيقات، يبقى مستقبل هذه الجهود لمكافحة الفساد في سوريا غير واضح. فبينما يتم الإعلان عن محاولات لمحاسبة المتورطين، لا تزال الشكوك تحوم حول جدية هذه الجهود في ظل استمرار سيطرة نفس النظام الذي يغذي الفساد ويستفيد منه منذ عقود.