ليلة رعب للسوريين في قيصري: أعمال شغب واعتداءات واسعة النطاق بسبب شائعة كاذبة

السوري اليوم
الاثنين, 1 يوليو - 2024
سيارة مدمرة بعفل بعض العنصريين الأتراك في ولاية قيصري في تركيا
سيارة مدمرة بعفل بعض العنصريين الأتراك في ولاية قيصري في تركيا

شهد السوريون في مدينة قيصري ليلة مرعبة بعد اندلاع أعمال شغب واعتداءات جماعية استهدفت ممتلكاتهم، في ما يُعد أكبر اعتداء جماعي عنصري ضد اللاجئين السوريين في تركيا. اندلعت هذه الأعمال العنيفة على خلفية انتشار شائعة كاذبة تتعلق باتهام شاب سوري بالتحرش بطفلة تركية.


تمكنت قوات الأمن من إعادة الاستقرار للمدينة بعد ساعات من الفوضى، ولكن بعد أن أُلحقت أضرار جسيمة بعشرات السيارات والمحال التجارية. أبلغ سوريون في المدينة تلفزيون سوريا عن حالة الرعب التي يعيشونها، خاصة بعد انتشار فيديوهات تظهر محاولات اقتحام منازلهم من قبل شبان غاضبين. أحد السكان شاهد سيارته تحترق أمام عينيه، وهي كل ما يملك لإعالة أطفاله الأربعة.

بدأت القصة عندما انتشر مقطع مصور يُظهر شاباً يُقال إنه سوري يتحرش بطفلة تركية في أحد المرافق العامة، مما أثار غضب الأهالي. عقب ذلك، أقدمت مجموعات من المواطنين الأتراك على الاعتداء على لاجئين سوريين، وإحراق ممتلكاتهم، وتدمير سياراتهم في الشوارع، مطلقين شعارات تطالب بترحيل جميع السوريين إلى بلادهم.


لاحقاً، تبيّن أن الطفلة ليست تركية، بل سورية، وفقاً لما ذكرته ولاية قيصري وتقارير إخبارية. وعلى الرغم من ذلك، لم تتوقف أعمال العنف ضد السوريين في المدينة. تبين أن الشاب المتهم مصاب باضطراب عقلي، وهو من أقارب وجيران الطفلة، والحادثة وقعت في دورة مياه عامة بسوق السبت.

أصدرت ولاية قيصري بياناً جاء فيه: “في 30 حزيران 2024، في منطقة دانشمنت غازي بولايتنا، أقدم شخص سوري على التحرش بطفلة سورية صغيرة. جرى اعتقال المتهم من قبل وحدات الأمن، ووضعت الطفلة تحت الحماية من قبل الجهات المختصة”. وأضاف البيان: “نحن نتابع القضية بدقة، وندعو مواطنينا إلى التحلي بالهدوء وعدم الانخراط في أي تصرفات غير تلك التي تعلنها الجهات الرسمية. نشكر المواطنين على تفهمهم واحترامهم لهذه التعليمات”.


وأظهرت صور وتسجيلات مرئية صباح اليوم حجم الدمار والأضرار التي لحقت بممتلكات السوريين في مدينة قيصري. وقال قائد شرطة قيصري، أتانور أيدين، في تسجيل مصور، لسكان الحي الذي شهد أعمال شغب: “أعدكم بأنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات ضد المتهم، بما في ذلك ترحيله هو عائلته”. وطالب السكان بعودة المواطنين إلى منازلهم، مضيفاً: “سنفعل ما هو ضروري”.


استغلت أطراف سياسية الحادثة للتحريض ضد اللاجئين. طالب إسماعيل أوزدمير، نائب زعيم حزب الحركة القومية التركية، بترحيل السوريين، وقال في تغريدة على موقع (X): “نتوقع كحزب الحركة القومية أن يتم تأمين عودة كريمة لضيوفنا السوريين إلى بلادهم في أقرب وقت ممكن، من أجل سلامة وأمن تركيا”.


رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان، قال على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”: “لقد أدى النضال الذي أخوضه منذ سنوات إلى نتائج في بولو. ومع ذلك، الإرادة التي تحكم بلادنا لم تتوقف عن إرسال اللاجئين إلي”. وأضاف: “اتهموني بالعنصرية، اتهموني بالفاشية! لكن لفترة طويلة، لم يرغب أحد في رؤية أنني وطني أحاول منع مثل هذه الأحداث”. وتابع: “لا بد من مناقشة هذا الموضوع على الفور، الحكومة المخطئة والمعارضة الصامتة يجب أن تتحدثا عن هذا الموضوع بلا تأخير!”.


أما النائب عن حزب الشعب الجمهوري في قيصري، أشكين جينج، فقد حضر موقع الحادث وقال: “أزمة الهجرة التي تتزايد يوماً بعد يوم هي نتيجة لسياسات الحكومة غير الاهتمامية وعدم إيجاد الحلول”. وأردف: “يجب على تركيا وضع سياسة هجرة تهتم بالسلام الاجتماعي على الفور”.


في حين قال مرشح الرئاسة التركية السابق سنان أوغان، إن “الحادثة أظهرت مرة أخرى أن أحداثاً مماثلة يمكن أن تحدث في أي وقت في بلدنا حيث يوجد الكثير من اللاجئين”. وأشار إلى أن “إعادة ما يقرب من 900 ألف لاجئ منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمر مهم ولكنه غير كاف. ومن الضروري أن يتم توسيع نطاق عملية عمليات الترحيل وتسريعها”.


بينما قال الكاتب والمحلل السياسي فاتح تيزجان: “يتم حرق جميع متاجر السوريين في قيصري. والسبب هو أن منحرفاً سورياً تحرش بطفلة سورية، لو ارتكب تركي هذا العار هل ستحرق جميع محال الأتراك؟”. أوضح نائب رئيس الدعاية والإعلام في حزب العدالة والتنمية، إمره جميل آيفالي، “أن استهداف جميع اللاجئين السوريين والإشادة بأوميت أوزداغ على أساس حادث فردي هو أمر متهور”.


أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن توقيف 67 شخصاً على خلفية الأحداث التي جرت ليلة يوم الأحد، حيث هاجم مواطنون أتراك محال وممتلكات السوريين في قيصري عقب ظهور ادعاءات باعتداء شاب سوري جنسياً على طفلة تركية في أحد أحياء المدينة. وأوضح الوزير، يرلي كايا، في تغريدة على حسابه الرسمي، أن المشتبه به في عملية التحرش الجنسية هو مواطن سوري، وبأن الضحية المزعومة تحمل الجنسية السورية أيضاً، وهي من أقاربه: “مساء أمس، في منطقة إسكي شهير باغلاري في ميليك غازي، قيصري، قام شخص يحمل الجنسية السورية يدعى I.A. بالتحرش بفتاة سورية من أقاربه. وقد تم القبض عليه من قبل المواطنين في المنطقة وتسليمه لقوات الأمن. وتم فتح تحقيق فوري في الحادثة”.


وأشار الوزير في تغريدته على موقع (X) إلى أن “المواطنين تجمعوا في المنطقة بعد ذلك، وتصرفوا بطريقة غير لائقة بقيمنا الإنسانية، حيث قاموا بأعمال غير قانونية وألحقوا أضراراً بمنازل ومحلات وسيارات تعود لأشخاص يحملون الجنسية السورية”. وكشف الوزير عن أن قوات الأمن تدخلت في الأحداث، وأوقفت 67 شخصاً على صلة بالحادثة، حيث استطاعت من إيقاف الهجمات وتفريق التجمعات بعد الساعة الثانية من منتصف ليلة البارحة، فيما أكد على أن “تركيا دولة قانون. قوات أمننا تواصل مكافحة جميع الجرائم والمجرمين كما كانت تفعل دائماً. العدالة التركية النبيلة تمنح المجرمين العقوبات التي يستحقونها”.


وتابع: “لا يمكن قبول أن يقوم مواطنونا بإلحاق الأذى بالممتلكات العامة والخاصة دون مراعاة النظام العام والأمن وحقوق الإنسان. ولا يمكننا السماح بعداء الأجانب الذي لا يوجد في عقيدتنا، ولا في قيمنا الحضارية، ولا في تاريخ أمتنا العظيمة”.


عاد ملف الوجود السوري في تركيا إلى الواجهة قبل أيام عندما أطلقت 41 منظمة مجتمع مدني في ولاية غازي عنتاب بياناً مشتركاً غير مسبوق، يحذّر من “غرق” الولاية تحت وطأة تدفق اللاجئين السوريين، لتبدأ إدارة الهجرة التركية حملة تفتيش واسعة في المدينة أسفرت عن احتجاز مئات السوريين بتهم مخالفة القوانين.


ثم كشف رئيس “حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض أوزغور أوزال، عن استعداده للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد “إذا لزم الأمر”، لمناقشة آلية إعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم. وقال أوزال يوم الخميس الفائت في لقاء تلفزيوني: “التقينا بسفير الاتحاد الأوروبي بتركيا وأبلغناه بأن استقرار تركيا بجانبكم كمستودع للاجئين، لا يعدّ استقراراً حقيقياً. ولكي يتحقق ذلك الاستقرار، يجب أن يتم حل مشكلة اللاجئين في تركيا بشكل كامل”.


وبعد تصريحات أوزال قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الجمعة الفائت: “لا يوجد سبب يمنع إقامة العلاقات الدبلوماسية. سنواصل تطوير العلاقات كما كنا نفعل في الماضي. ليس لدينا أي هدف أو نية للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، لأن الشعب السوري هو مجتمع شقيق”. وأضاف: “أجرينا لقاءات مع السيد الأسد حتى على المستوى العائلي. ليس هناك ما يمنع من حدوث محادثات في المستقبل، فقد تحدث مرة أخرى”.