تحدثت تقارير دولية عن وصول نسبة كبيرة من السوريين الى ماتحت خط الفقر ، ففي الوقت الذي كان فيه معدل الأجر الشهري يتراوح بين 300 إلى 600 دولار قبل الأزمة، ووصل الى 20 إلى 50 دولارا في الوقت الحالي، وتراجع الناتج المحلي للاقتصاد السوري الذي كان من بين أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا إلى أقل من 20 مليار دولار بحلول عام 2019 بعدما زاد على 60 مليار دولار عام 2010.
ونشرت دويتشه فيله تقريرا اقتصاديا حول تراجع مقدرات الاقتصاد السوري وضعف فرص اعادة تدوير عجلته ، تحدثت فيه عن استفحال الفساد والمحسوبيات في الإدارات الحكومية، ونفوذ مجموعات أمراء الحرب وتشديد العقوبات الغربية وتبعات كورونا والجفاف وخروج الثروات الأساسية من سيطرة الدولة السورية ، واشارت الى التضخم شبه المنفلت وتدهور سعر الليرة السورية إلى نحو 4000 ليرة في السوق الحرة أمام الدولار الأمريكي مقابل أقل من 50 ليرة قبل الأزمة.
وحسب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة فإن 67 بالمائة منهم أضحوا بحاجة إلى مساعدات شهرية لمواجهة التضور جوعا .
ويقدم برنامج الغذاء العالمي الذي تدعمه دول الاتحاد الاوربي ، مساعدات غذائية لملايين السوريين على ضوء تدهور قوتهم الشرائية، حيث ارتفعت أسعار الخبر ، وهو المادة الغذائية الاساسية لسواد الشعب 60 ضعفا،بينما ارتفعت أسعار الأغذية الأساسية 33 مرة.
الاقتصاد السوري عشية الثورة
وتحدث التقرير ، الذي أعده الباحث الاقتصادي ابراهيم محمد ، عن الاقتصاد السوري عشية انطلاق اندلاع الاحتجاجات الشعبية في مارس/ آذار 2011 ضد الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد ، واصفا اياه بأنه كان من أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا، وكان ينتج بين 75 إلى 85 بالمائة من أغذيته وأدويته وألبسته وأحذيته ويصدر الفائض منها إلى أكثر من 60 دولة حسب معطيات الصندوق العربي للانماء الاقتتصادي والاجتماعي والمكتب المركزي السوري للاحصاء.
وكان الإنتاج السوري من النفط بحدود 450 ألف برميل يوميا يزيد عن حاجة السوق المحلية ويصدر الفائض منه بنحو 150 ألف برميل يوميا إلى ألمانيا بالدرجة الأولى. وكانت سوريا بين البلدان الخمسة الأولى في العالم بإنتاج القطن وتربية الأغنام والأبقار. أما إنتاجها من الحبوب فتراوح بين 3.5 إلى 6 ملايين طن سنويا،أي ما زاد على حاجة السوق المحلية في معظم السنوات.
والمح الى انه رغم التبعات الكارثية للجفاف في مناطق عدة شرق سوريا آنذاك وأخطبوط الفساد وضعف أداء الحكومة والفساد في مؤسساتها وقيودها المقيتة على المبادرات الخاصة، فإن سلعا وخدمات أساسية كالخبز والسكر والرز والأدوية ومصادر الطاقة والطبابة والتعليم كانت قبل الأزمة متوفرة بكميات كافية وبأسعار رمزية أو دون مقابل، رغم ضعف جودة قسم منها. وكانت سوريا بسبب رخص منتجاتها وجودة صناعاتها الاستهلاكية وعراقة تاريخها قبلة لملايين السياح سنويا والذين زاد عددهم على 8 ملايين في عام 2010.
بعض المؤشرات الحالية
أما اليوم فقد أضحت السلع الأساسية نادرة يصطف الناس طوابير يومية طويلة للحصول على القليل المتوفر منها بسبب تدمير المصانع والزراعة ووطأة العقوبات الغربية على التجارة السورية. ففي حلب عاصمة سوريا الاقتصادية على سبيل المثال تم حسب تقرير من بي بي سي البريطانية تدمير 18 من أصل 20 مدينة صناعية خلال الحرب. وفي هذه المدن تم حرق أو تفكيك الآلاف المصانع الحديثة ونقل تجهيزاتها إلى تركيا تحت مرأى حكومة الرئيس أردوغان في سابقة لم تحصل منذ الحرب العالمية الثانية. وكانت المدينة بعدد مصانعها ومشاغلها الذي وصل إلى نحو 35 ألفا أهم مركز لصناعة الأنسجة والأقمشة والألبسة والأحذية في الشرق الأوسط.
تخريب البنى التحتية
وإلى جانب الصناعة تم أيضا تخريب قسم حيوي من الجسور والطرق وتفكيك الخطوط الحديدية وبيعها كخردة. كما لحق الدمار بنحو 70 بالمائة من محطات الكهرباء وخطوط الغاز والنفط. وتسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" المعارضة وقوات أمريكية على النفط والغاز في شرق البلاد. وهنا لا بد من التذكير بكلام الرئيس الأمريكي السابق ترامب عندما قال أن "هذه القوات موجودة لحماية المنشآت النفطية وأنه يتوقع جني ملايين الدولارات" من الاستيلاء على النفط السوري والحبوب المخزنة في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة. ونتيجة لمصرع حوالي 400 ألف شخص في الحرب وإعاقة أكثر من هذا العدد، وبسبب اللجوء والهجرة إلى الخارج والتي طالت أكثر من 5.6 مليون شخص حسب تقديرات أممية من أصل 21 مليون شخص، فقد الاقتصاد السوري غالبية كفاءاته وعمالته الماهرة ورجال أعماله الذين توجهوا بالدرجة الأولى إلى تركيا وألمانيا ودول الخليج ومصر.