نشرت صحيفة "نيوريورك تايمز" مقالا تقول فيه: بعد عقد من الحرب في سوريا يواجه بشار الأسد أزمة أكبر من التهديد بالإطاحة به، ولكن ليس لديه حل لها كما قال في لقاء خاص عقد مع الصحافيين الموالين لنظامه قبل فترة، ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصدر مطلع على ما جرى فيه قائلا إن رد الرئيس على زيادة الأسعار وتدهور الاقتصاد والنقص الحاد في الوقود والخبز، كان "أعرف"، ولم يقدم خطوات عملية وقوية لتخفيف الأزمة أكثر من هذه الفكرة: "يجب على قنوات التلفزة إلغاء برامج الطبخ حتى لا تسخر من السوريين في وجبات طعام لا يستطيعون الحصول عليها."
وتقول الصحيفة إن التهديد الأكبر الذي يواجهه الأسد هو الأزمة الاقتصادية التي عرقلت عمليات إعمار المدن وأفقرت السكان وتركت عددا كبيرا من السوريين يكافحون للحصول على ما يكفي من الطعام.
ويعطي اللقاء الخاص مع الصحافيين الذي عقد الشهر الماضي ولم يتم الكشف عنه من قبل رؤية نادرة وعارية عن رئيس يبدو معزولا عن الاهتمامات التي تقلق شعبه وعجز عن فعل شيء لمعالجتها.
وعلمت الصحيفة عما جرى في اللقاء الخاص من شخص تحدث مع الصحافيين الذين حضروا اللقاء وأكد كلامه أحد المشاركين فيه. وبدا الأسد في حديثه الخاص متمسكا بالتفاهات التي تميز خطاباته العامة.
وأكد الأسد للصحافيين أن نظامه لن يعقد مصالحة مع إسرائيل أو تشرع زواج المثليين، وهي موضوعات لا تهم السوريين الآن. وتقول الصحيفة إن
النساء السوريات اليائسات يبعن شعورهن لتوفير الطعام لأطفالهن. وقالت إمرأة تعيل ثلاثة أولاد في صالون تجميل في دمشق: "عليّ بيع شعري أو جسدي". ويعمل زوجها نجارا ويعاني من مرض ولا يعمل إلا في فترات متقطعة، وهي بحاجة للوقود من أجل تدفئة البيت ومعاطف شتوية للأطفال. واشترت مقابل بيع شعرها بـ 55 دولاراً الذي يستخدم لصناعة الباروكات بترولا للتدفئة وملابس لأطفالها ودجاجا مشويا الذي ذاقته عائلتها لأول مرة منذ 3 أشهر. وبكت ليومين خجلا من نفسها بعد بيع شعرها. وأضافت الصحيفة أن انهيار العملة يعني حصول الأطباء على ما يساوي 50 دولاراً في الشهر. وقال رئيس نقابة الأطباء السوريين إن الكثير من الأطباء رحلوا إلى الخارج وللعمل في الصومال والسودان من بين عدة دول تسمح للسوريين الدخول بدون مشاكل. ويحصل المهنيون في القطاعات الأخرى على رواتب أقل. وقال موسيقي في دمشق "ما يهم الناس أكثر من أي شيء آخر هو الطعام والوقود" و"كل شيء غال بطريقة غير طبيعية والناس تخشى من الحديث".
وتشير الصحيفة إلى أسباب الأزمة التي تقول إنها متعددة ومتداخلة، منها الضرر الكبير والنزوح بسبب الحرب، العقوبات الغربية الواسعة التي فرضت على حكومة الأسد والمقربين منها وانهيار النظام المصرفي في لبنان والذي كان يعتمد أثرياء سوريا عليه وعمليات الإغلاق لمواجهة فيروس كورونا. وليس لدى الأسد خيار سهل، فمعظم آبار النفط والأرض الزراعية في شمال- شرق سوريا بيد الأكراد الذين تحميهم الولايات المتحدة. واستثمرت إيران وروسيا للحفاظ على الأسد في الحكم لكنهما تعانيان من مشاكل اقتصادية ولا تستطيعان مساعدة اقتصاده. وتواصل روسيا تقديم دعم عسكري مهم للأسد وليس مساعدات إنسانية. وقال السفير الروسي في دمشق ألكسندر إيفيموف في تصريحات لوكالة أنباء "ريا" الروسية "يعتبر الوضع الاقتصادي- الاجتماعي في سوريا صعبا جدا اليوم" ولكن إرسال المساعدات "صعب جدا" لأن روسيا تعاني من وباء كورونا والعقوبات الغربية.