كشف تحقيق للأمم المتحدة أن المرتزقة الروس في أفريقيا لا يقومون بتقديم استشارة للحكومات التي يعملون معها، بل هم مسلحون يقودون القتال ومتهمون بارتكاب جرائم الحرب.
وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” لمراسلها في أفريقيا ديكلان والش قال إن المرتزقة الروس الذين نُشروا في دولة أفريقية هشة قتلوا المدنيين ونهبوا البيوت وأطلقوا النار على المصلين في مسجد أثناء عملية عسكرية كبيرة بداية هذا العام. وكشفت الصحيفة أن الاتهامات وردت في تقرير قُدم إلى مجلس الأمن الدولي حصلت عليه، والذي وثق جرائم ارتكبها المرتزقة الروس في جمهورية أفريقيا الوسطى، الدولة الفقيرة، والغنية بالمعادن وتعيش حربا أهلية منذ عقد تقريبا.
وكشف التقرير أن المرتزقة الروس الذي تم تقديمهم على أنهم مستشارون غير مسلحين للحكومة، قادوا عمليات عسكرية كبيرة وأنشأوا مراكز تنقيب عن الألماس الذي تحتوي عليه البلاد بكثرة. وكشف التقرير أن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحكومة والمرتزقة تشمل على “استخدام القوة المفرطة والقتل بدون تمييز واحتلال المدارس والنهب على قاعدة واسعة، بما في ذلك المنظمات الإنسانية”.
واشتمل التقرير على أدلة مصورة وشهادات موثقة من السكان المحليين والمسؤولين. واستعانت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى بالمرتزقة الروس عام 2017 كي تستعيد السيطرة على تجارة الألماس من المتمردين والعمل على وقف النزاع الذي قتل الآلاف وشرد الملايين منذ عام 2012.
وعرض الكرملين إرسال مدربين عسكريين للمساعدة على تدريب قوات أفريقيا الوسطى في مهمة باركتها الأمم المتحدة والتي أصدرت قرارا في 2013 استثنى أفريقيا الوسطى من حظر تصدير السلاح. واتضح سريعا أن المدربين الروس لم يكونوا سوى مرتزقة يحملون السلاح، وتطورت العملية إلى مهمة مستترة لبناء التأثير الروسي وتحقيق صفقات تجارية في أفريقيا، بما في ذلك عقود ألماس لمنفعة رجال الأعمال المقربين من فلاديمير بوتين
وبسرعة، تورط الروس في السياسة والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى وتحولوا إلى حراس أمنيين لحماية الرئيس فوستين أرشانج تواديرا، فيما عمل مدير مخابرات روسي سابق مستشارا أمنيا له. ومع أن المسؤولين الروس لم يعترفوا إلا بوجود 550 مدربا في البلد، إلا أن تقرير الأمم المتحدة يشير إلى أن العدد وصل أحيانا إلى 2100 شخص. ومعظم الشركات التي تقوم بتوظيف المدربين مرتبطة بيفغيني بريغوجين، المعروف بطاهي بوتين والذي اتهمته الولايات المتحدة في 2019 بتمويل “حرب المعلومات” لإرباك الانتخابات الأمريكية عام 2016.
وسيصدر تقرير الأمم المتحدة هذا الأسبوع، ويقدم تفاصيل عن انتهاكات حدثت في فترة مضطربة شهدتها المستعمرة الفرنسية السابقة. ففي نهاية كانون الأول/ ديسمبر، حاول تحالف من المتمردين التخريب على الانتخابات، وشن هجوما عسكريا على العاصمة بانغي للسيطرة على السلطة، لكن المحاولة فشلت. وفي منتصف كانون الثاني/ يناير، بدأت الحكومة حملة واسعة للرد على الهجوم واستطاعت في النهاية إخراج المتمردين من عدة مدة كبرى.