وهل يهمّ السّلخَ الشّاةَ المذبوحةَ أصلاً

تعرض ابنية سكنية للقصف(انترنت)
تعرض ابنية سكنية للقصف(انترنت)

المرسومُ الذي أصدره بشار الأسد بإلغاء "مؤسسة الإفتاء" أثار حفيظة الوطنيين السوريين، الذين رأوا فيه إمعاناً من قبل النظام في تهميش السنّة، الذين يشكلون الغالبية الساحقة من الشعب السوري. ولهذا راح هؤلاء (الوطنيون السوريون) يتناقلون - عبر وسائل التواصل الجَماعي - دراساتٍ ومذكراتٍ أعدّها قانونيّون وساسةٌ وعلماءُ اجتماع، تُبيّن المخاطر التي ينطوي عليها هذا المرسوم:

- على سلامة الفتوى ومصداقيتها - بعد أن فقدت مؤسسة الإفتاء استقلاليتها وألحقت بالسلطة التنفيذية،

- وعلى هوية المجتمع السوري – بعد أن أنيطت مهمة الإفتاء بـ"المجلس العلمي الفقهي"، الذي - حسب القرار الذي أصدره وزير الاوقاف بتاريخ 22/5/2011 – يشكل ثلثَ أعضائه رجالُ دين شيعة؛ يكفّرون كلّ من لا يعترف بالإمامة أصلاً من أصول العقيدة، ويحللون زواج المتعة، ويكفِّرون الصحابة ويلعنونهم...

 

ليس ثمة شكّ في أنّ هذا المرسوم يمثل شرعنةً للأفعال التي تستهدف الروابط الوطنية والقومية والدينية للمكون الرئيسي للشعب السوري... لكن،،،

- هل هذه الممارساتُ الهدّامة جديدة؟

- هل كل الأفعال التي دأب النظام الأسدي على ممارستها منذ حوالي نصف قرن، تستهدف تهميش السنّة فقط؟

- هل يوجد في الدولة السورية أي مؤسسة رسمية أو شعبية أو مِهَنيّة (نيابة رئيس الجمهورية، مجلس الوزراء، مجلس الشعب، الحزب، منظمة الشبيبة، اتحاد الطلبة، والنقابات، والاتحادات المهنية، وووو) تمارِس عملها كما ينبغي؟

 

يعرف السوريون جميعاً أن كل "مؤسسات الدولة" في سوريا الأسد مجرد هياكل شكلية فارغة، لا تأثير لها مطلقاً على حياة السوريين. ويعرفون أيضاً أن هناك "دولة عميقة" لا تقيم أيّ وزنٍ؛ لا لدستور، ولا لقانون، ولا لدين، ولا لمذهب، ولا لأعراف، ولا لتقاليد، ولا لرأي الشعب، ولا لأي شيء... هذه "الدولة العميقة" هي التي تتخذ القرارات وفق ما تقتضيه مصلحة النظام فقط، ثم توزع الأوامر على رؤساء هياكل الدولة الشكلية لتنفيذها.

- ما الذي قدمته مؤسسة الإفتاء منذ عام 1963 إلى اليوم، حتى نحزن على إلغائها؟

- هل لمس أحدكم أي دور لنائبيْ رئيس الجمهورية، أو لمجلس الوزراء، أو لمجلس الشعب، أو للحزب، أو أو أو خلال الكارثة التي حلّت بالبلاد؟

- هل يشك أحدٌ من السوريين في أن الصلاحيات التي يتمتع بها "ضابط متوسط الرتبة" من ممثلي "الدولة العميقة" (سهيل الحسن – مثلاً) تفوق بأضعاف الصلاحيات التي يتمتع بها "نائب رئيس الجمهورية" في "الدولة الأسدية"؟

ويعرف السوريون أيضاً أنّ أية كلمة تُقال في نقد الدولة العميقة، أو اعتراضاً على أي من قراراتها، تودي بقائلها إلى التهلكة!

سوريا بحاجة لعملية إعادة إعمار شاملة، ليس فقط للمساكن، والبُنى التحية، والمصانع، والمزارع، والمؤسسات الاقتصادية والخدمية، بل – وبالدرجة الأولى – للبنى الفوقية؛ من مؤسسات دستورية - تشريعية – قضائية، وتنفيذية حقيقية، لكي تستطيع التحرك نحو الاندماج في العالم المعاصر.