الحريم والعار.. النسوية في مواجهة المجتمع الذكوري

التضامن من اجل النساء
التضامن من اجل النساء


"أحياناً، أشعر أنني لم أعد قادرة على تحمل هذا المجتمع، وأتمنى لو أنني ميتة أو لم أخلق أبداً، النساء الذكوريات كتمن على أنفسنا، والمجتمع الذكوري دمر حياتنا، يعتقدون أن النسوية تدعو إلى التفلّت!"

بهذه العبارات بدأت النساء حديثهن عن الضغوطات والقيود المفروضة عليهن نتيجة الثقافة الذكورية الطاغية في المجتمع السوري.

والمزعج بالنسبة لهن هو تعنت بعض النساء ورفضهن للحقوق والمساواة مع الرجل، وتمسكهن بتلك القيود المجتمعية، ومحاربة النساء الأخريات اللواتي يخرجن عن المألوف، وتوجيه الانتقادات والاتهامات ومضايقتهن في حياتهن بشكل عام.

خيبات من النساء الذكوريات!

دعاء محمد 27 عاماً، فتاة نسوية سورية تعمل في مجال تمكين المرأة، أكثر ما يزعجها تكرار حديث قريناتها وخصوصاً اللواتي من عمرها حول عدم حصولها على زوج حتى الآن وأن النسوية ستقضي على مستقبلها، والقطار سيفوتها حتماً، إضافة لجملة "المرأة من دون الرجل لا قيمة لها".

ماجدة، صاحبة محل تجاري لبيع الألبسة وداعمة للفكر النسوي، تقول " النساء اللواتي يدافعن عن المجتمع الذكوري المتسلط يصدمنني حقيقة، ما الذي يجعلهن سعيدات بأنهن أدنى من الرجل!"و أضافت " أتعرض مراراً لاتهامات باطلة وأسمع كلمات جارحة من قبل صديقاتي وقريباتي لأنني أؤمن بالنسوية".

عائشة، مديرة روضة أطفال تقول: "كنت أعيش حياتي بشكل طبيعي مثل كل النساء، وعندما بدأت أقرأ عن النسوية وأتعمق بها أكثر واعتنقت أفكارها، تغيرت حياتي وصرت أتعرض للهجوم من صديقاتي النساء، ولكنني سعيدة بهذا التغيير وأدركت قيمة نفسي".

وأضافت " وفي حال كررت حديثي عن النسوية وانتقدت المجتمع والعادات والتقاليد، تتسابق صديقاتي لنصحي وتنبيهي أن المرأة الصالحة لا تنجر وراء هذه الأفكار والتفلت!".

يعتقد الكثير من النساء النسويات أن المرأة الذكورية خط الدفاع الأول للمجتمع الذكوري، ربما لأنها مؤمنة بأن الذكور يستحقون أن يمتلكوا السلطة، ولديهم صفات معينة تؤهلهم للسيطرة واتخاذ القرارات غير موجودة في الأنثى على اعتبارها فتنة وعورة، وأن على المرأة أن تكون تابعة للرجل بالمطلق.

وعلى هذا الفكر تنشأ الفتيات على أنهن "حريم" مقتنعات بدونيتهن وأفضلية الذكر، وشخصياتهن ممحوقة داخل محور إرضاء المجتمع الذكوري.

وهذا ما يجعل المرأة الذكورية تحارب النساء اللواتي يغردن خارج السرب ويفضلن الثورة ضد ذكورية المجتمع، و يحاربن من أجل الحصول على حقوقهن وإثبات ذواتهن.

مصطلح نسويات مدعاة للهجوم والصدام الدائم

معظم العبارات التي نسمعها عندما يتم ذكر مصطلح نسويات، "خرابات بيوت، مسترجلات، كارهات للرجال ومعقدات، منحلات أخلاقياً، ويروجن للدعارة، فارغات، يقلدن الغرب، مثليات وعوانس ومطلقات".

هبة عزالدين، أكاديمية سوريّة و باحثة إجتماعية في قضايا النسوية و الجندر، ترى أن الهجوم الكبير على الفكر النسوي، جاء نتيجة الجهل بالنسوية، وتقول أن الإنسان عادة عدو ما يجهل، فضلاً عن الموروث الذي يشمل العادات والتقاليد.

وأوضحت هبة أن الهجوم على الفكر النسوي والنساء الفاعلات والمنافسات للرجال في المجتمع رهيب جداً، ولطالما تم استهداف شكلهن وسلوكهن وحياتهن الشخصية وعلاقاتهن، حتى يتم اجبارهن على التراجع والخضوع أمام سلطة الرجل.

النسوية من وجهة نظر هبة، هي خلق عالم عادل تتمتع به النساء بأهليتهن و خصوصيتهن الكاملة، وإتاحة الفضاء العام بذات القدر للجميع، نساء و رجالاً، بالإضافة إلى أنها مقاربة فكرية سياسية لتحقيق العدل بين كل المواطنين و المواطنات و إلغاء التمييز تجاه كل الفئات المضطهدة و التي غالباً ما تكون من النساء.

وتعريفات النسوية كثيرة، أبرزها الاعتراف بأن للمرأة حقوقاً وفرصاً مساوية للرجل في مختلف مستويات الحياة، بالإضافة إلى أنها حركة سياسية تحاول التغيير نحو مجتمع أكثر عدل ومساواة بين الجنسين، وتطورت الحركة بشكل ملحوظ منذ القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، وتتخللها مبادئ وأفكار ضمن مستويات سياسية واجتماعية وثقافية وعلمية وعملية وحياتية وذاتية.

وتتصدى النسوية لحملات هجوم شديدة، ومحاولات لتسخيف مطالبها والسخرية منها، وبالإضافة إلى الاتهامات بأنها مطالب غير محقة ولا تستحق كل هذه الضجة، وأنها مخالفة للعرف والدين، ورغم ذلك نلاحظ انتشاراً كبيراً لهذا الفكرة وبحث عن أهدافها وماهيتها.


آلاء محمد

آلاء محمد، صحفية نسوية سورية مهتمة بقضايا النوع الاجتماعي وقضايا المرأة