عفوا صاحبة الجلالة

لوحة موت سقراط للفنان الفرنسي جاك لوي ديفيد (إنترنت)
لوحة موت سقراط للفنان الفرنسي جاك لوي ديفيد (إنترنت)

صاحبة الجلالة، عندما بدأت تحبين في منتصف القرن السابع عشر في فرنسا، كنا نحن، بلاد ما بين المائين، لا نفك حرفين. وعندما جاءنا بك نابليون كان قد مضى على ولادتك أكثر من قرنين. فتن بعضنا بك عندما رأيناك تختالين بمرطك الذهبي ما بين العصرين. لكن السلاطين، والجلادين، وشذاذ الصحافة أساؤا إليك، وحاولوا اغتيالك لأنك تملكين عصا سحرية توقظ النائمين حتى في قبورهم، لأنهم يريدوننا نياما قرنا آخر، أو قرنين. 

عندما جئتك طائعا أغسل قدميك كما غسلت قدمي المسيح ماجدولين، توسلتك: عمديني بمائك، وزيديني علما زيديني يا أحلى نوبات جنوني زيديني، علما أو علمين. وارتقي معرفتي على سلم قامتك درجة أو درجتين.

في رحابك، يا صاحبة الجلالة، جاءك الغاوون من كل واد يهيمون، وانتحلوا من أسمائك صفة أو صفتين. دعيني أخبرك عن قصة أو قصتين: ذات جمع "لصحفيين" وكنا نختصم لأمر أو لأمرين، مط أحدهم بوزه، وكنت أجهله، متطاولا جاعلا من نفسه حسنين هيكل، ورب الحسنين. فقبعت في زاويتي وقلت: جاءنا "أبو زيد" بسحنته الملساء ليزيدنا معرفة أو معرفتين، فسبرت أغوار الصحف، وأنفاق الوكالات، ومغاور القنوات التلفزيونية والإذاعية، والمواقع الالكترونية، ومختار العالم شيخ غوغل لأعثر على أثر له أو أثرين لأنهل فكرة أو فكرتين، فأصبت بخيبتين، وعدت بخفي حنين.

ذات يوم، كنت أشتهي الأزاد وأنا في أحد البلاد، فجاء وجهي بوجهه، فقلت: ظفرنا والله بصيد، وحياك الله "أبا زيد"، هلت علينا البركات يا شيخ الكلمات، متى وافيت، وهلم إلى البيت، أو الحانوت نصب غداء. قلت للشواء: زن " لأبي زيد" رطلا من الشواء أو رطلين ليأكلها هنيئا فهو من جهابذة صاحبة الجلالة. ولما استوفينا قلت ل"أبي زيد": لم أعثر في معمورة صاحبة الجلالة باسم أبي زيد حتى كلمة أو كلمتين. فأين نجد سر علمك؟ نظر إلي بعد أن شرب كأسا أو كأسين وقال: أنا أكتب باسم مستعار، ولا أفصح عنه خوفا من ضربة أو ضربتين. وعلمت بعد طول عنائين أنه من ذوي المنتحلين لاسمك، فاسمحي لي أن أكيل له ولأمثاله الصاع صاعين، فأوطاننا عطشى لتكوني ملكة علينا لدهر أو دهرين.