النكبة السورية ضحية الأحداث الدولية

السوريون  المنسيون
السوريون المنسيون


يتراجع الاهتمام دوليا، وإعلاميا بالنكبة السورية خلال العامين الماضيين، وذلك لأسباب مختلفة. السبب الأول هو تقدم أخبار الأحداث الدولية التي تلقى اهتماما واسعا على المستوى العالمي وأهمها على سبيل المثال لا الحصر: كورونا وانعكاساتها المختلفة على سكان الأرض دون استثناء. وقد ملأ كوفيد ـ 19 الدنيا وشغل الناس، وخاصة في مراحله الأولى حيث لم يكن معروفا بعد طبيعة هذا الفيروس القاتل الذي شل الاقتصاد العالمي وقتل مئات الآلاف. الانتخابات الأمريكية والهجوم على الكونغرس الذي فاجأ العالم في أول وأقوى دولة ديمقراطية. مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا، والقوانين المجحفة بحق المسلمين والتي أثارت جدلا واسعا في الدول الغربية والإسلامية. انفجار مرفأ بيروت الذي هز لبنان والعالم ولا تزال انعكاساته حتى اليوم، وتساؤلات كثيرة حول شحنة الأمونيوم التي كانت سببا في الانفجار. ثورات الربيع العربي في السودان والجزائر، مفاجأة التطبيع السريع مع دولة الاحتلال من قبل الامارات، والبحرين، والسودان، والمغرب. والتي لقت استهجانا كبيرا من قبل الشعوب العربية وخاصة الفلسطينيين. عودة الولايات المتحدة لطرح توقيع اتفاق نووي مع إيران. الانحباس الحراري وتداعياته على المستوى العالمي من حرائق في المغرب، والجزائر، وتونس، وفلسطين، والكويت، وتركيا، وفيضانات في ألمانيا، وهزة أرضية في هاييتي.. والتي تسببت بمقتل المئات وخسارة فادحة في المساحات الغابية والمساكن والبنى التحتية. انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وسيطرة طالبان على أفغانستان بعد عشرين عاما من هزيمتها.

السبب الثاني لتراجع الاهتمام بالوضع السوري يقع على المعارضة نفسها، وأقصد الائتلاف الوطني تحديدا إذ لم يمتلك إلى الآن رغم الحاجة الملحة لآلية إعلامية قادرة على عرض النكبة السورية على المستوى الشعبي والدولي، بالإضافة إلى فشلها في صياغة دستور جديد بعد عدة جولات خلبية انتهت بالفشل الذريع. وهي في انفصام جلي مع الواقع السوري ولا تقوم بدورها كممثلة للثورة السورية والشعب السوري، حتى على المستوى الدولي والأممي هناك شكوك كبيرة في مدى نجاعتها في معالجة ملف المعارضة السورية وإثبات وجودها على الأرض، بينما تسيطر المعارضة المسلحة على المناطق المحررة دون أن تولي أي اعتبار للمعارضة السياسية.

السبب الثالث هو محاولة روسيا بالاتفاق مع بعض الدول العربية للتطبيع مع النظام السوري وعودته إلى الجامعة العربية خاصة بعد إجراء الانتخابات " المهزلية " التي اعتبر النظام أنها أعطت الشرعية لبشار الأسد للاستمرار في حكم سورية،

السبب الرابع يتمثل بإخفاق معارضة الداخل السياسية ( التي تتزعمها هيئة التنسيق) في لعب دور مؤثر في الداخل السوري بعد أن قمعها النظام ومنعها من عقد اجتماعا للتنسيق مع آحزاب أخرى لتشكيل ائتلاف عريض من الأحزاب للوقوف في وجه النظام.

السبب الخامس: لم يتبلور إلى اليوم معارضة سياسية منبثقة عن السوريين اللاجئين في دول الجوار وخاصة تركيا التي من المفترض أن يتم تشكيل أحزاب سياسية، وجمعيات، ومنظمات مدنية فاعلة لطرح النكبة السورية، والبدء بعمل سياسي جدي على المستوى الخارج كما يحصل في معارضات مختلفة في الخارج كمجاهدي خلق الأيراني مثلا.

السبب السادس: يكمن في عدم إمكانية تحرك شعبي سوري جديد في الداخل رغم أن كل الظروف تدفع في هذا الاتجاه بسبب الضغوط الكبيرة، والظروف الصعبة التي يعاني منها السوريون، حتى الموالين، من فقدان المواد الأساسية، وغلاء الأسعار، وانعدام الخدمات الأساسية وخاصة الطبية منها.

الهدف السابع والأخير هو عزوف الدول الغربية بشكل عام عن الاهتمام بنكبة سورية لأنها باتت تعلم أن أي تدخل سيدفعها للحديث مع الحاكم الفعلي في سورية اليوم: روسيا.

هذه الأمور مجتمعة جعلت النكبة السورية تعود إلى المواقع الخلفية في الإعلام العالمي، واهتمام الدول الغربية.