سيادة الرئيس: شكرا

رجل سوري يبحث في أنقاض بيته بعد قصف طائرات النظام
رجل سوري يبحث في أنقاض بيته بعد قصف طائرات النظام

نشكرك يا سيادة الرئيس أنه كلما استرسلت بك عواهن الكلام تثير الضحك بالأكمام من شعب لا يقوى على الضحك من فرط ما أذقته من ويلات. فكما تعرف أن الشعب جائع، وأنا منه، ولم تجد حلا لجوعه الذي أنت السبب فيه سوى منع برامج الطبخ في التلفزيون. طبعا مثل هذه البرامج لا تصلح اليوم كون المواطن السوري اليوم لا يقوى على شراء عشرة غرامات من اللحم، أو نصف فخذ دجاجة نحيفة لأنها هي بدورها جائعة، ولا نتحدث عن البفتيك والأسماك فهذه لم يعد يراها السوري إلا في الأحلام السعيدة، ولا يشتريها سوى المسبحين بآلائك.

إن منع هذه البرامج لاشك يوفر على الدولة المفلسة إنتاجها، خاصة وأن الليرة السورية أمام الدولار صارت كدولار زيمبابوي في عهد روبرت موغابي، يحمل أحدنا حملا من العملة التي لم تعد تساوي ثمن ورقها ليشتري كيلو بطاطا. مع أن الليرة السورية كانت تناطح الدولار قبل أن يأتينا أبوك بمعسول الوعود الوردية.

بالأمس حزمت أمري، تجرأت وكبست على جيبي وقلت:" يا زلمة روح اشتريلك جرزة فجل"، فأعاطاني البائع جرزة فجل فيها خمس فجلات وطلب خمسين ليرة، وراقب وجهي ليجلو وقع الخبر. صرخت:" لك العمى شو صارت الفجلة بعشر ليرات"، فرد علي الخضار:" لا ياسيدي العشر ليرات صاروا بفجلة"، فعدت إلى المنزل بخفي حنين مكسور العين، وقلت لزوجتي:" كلوا المجدرة بدون فجل". يا سيادة الرئيس حتى الفجل صار "دولوكس " على موائدنا. وأنت تعرف أن الجوع كما يقال كافر، وأن الخبز أبو الثورات، وأنت تعرف أن الشعب السوري ثار عليك، وعلى نظامك لأنه افتقد الحرية منذ زهاء نصف قرن فضربته بكل ما لديك من أسحلة حتى الكيماوية منها، فقتلت حوالي المليون، وشردت نصف الشعب، ودمرت نصف سورية، فماذا أنت فاعل؟ هل ما زال لديك ترسانة من السارين، أو الخردل، أو الكلور؟ لماذا لم تسمع نداء الشعب، وبدل أن تبني المدارس، والمعاهد الثقافية والرياضية، والجامعات، والمشافي، والمصانع، بنيت السجون، والمعتقلات، ومصانع أسلحة كيمائية، وجندت مئات الآلاف من الشبيحة، والمخبرين، والقتلة، وجلبت كل شذاذ الآفاق، والمرتزقة الطائفيين، والدول المتعطشة للمياه الدافئة السورية لتحميك، فحولت هذا البلد الفريد بحضاراته وقدرة شعبه، وطبقت سمعته الآفاق في يوم كان سيد الأرض، إلى بلد العُجب والعَجب. لم تحسن الصنع فيه كرئيس، يا سيادة الرئيس، كذاك الحداد الذي أهدي سبيكة ذهب فصنع منها طنجرة.