"مباحثات آستانا: احتراف فن السير " مكانك راوح

مباحثات استانة /انترنت
مباحثات استانة /انترنت


ست عشرة جولة من رحلات أستانا المكوكية، ماذا قدم الأستانيون؟ إذا حاولنا أن نقدم حصيلة هذه الرحلات لن نجد سوى بيانات أقرب إلى بيانات الجامعة العربية بعد قمم زعمائنا الأشاوس التي لم يحقق منها بندا واحدا. ومن تمحص قليلا في السياسة الروسية، مع ما سمي بالدول الضامنة ( روسيا، تركيا، إيران)، يجد أنها ترتكز على عنصرين أساسيين: محاربة الإرهاب، التسويف بقدر المستطاع وجعل المباحثات كرحلات صيد يعود فيها الصيادون خاويي الوفاض، لأنه في الأصل لم يكن هناك فرائس للصيد. فأستانا كانت تنوي روسيا من ورائها شرعنة ضرباتها الجوية على المدن والقرى السورية، ومواجهة المعارضة المسلحة وطردها من الأراضي المحررة، باسم " محاربة الإرهاب " المتمثل "بداعش"، "وتحرير الشام"، وكل المنظمات التي صنفتها الأمم المتحدة كمنظمات إرهابية، وهذا بالطبع يناسب كلا من تركيا التي تواجه حزب العمال الكردستاني، وإيران التي بدورها تقتل بالسوريين تحت غطاء الإرهاب. وفي واقع الأمر إن ما تقوم به روسيا وإيران هو إرهاب دولة. وانتهاك القوانين الدولية بالتعرض للمدنيين وخاصة الأطفال. أما عملية التسويف فهي تخدم مصلحة النظام الذي لا يرغب أن يطبق أي مطلب من مطالب المعارضة ( الانتقال السياسي، الإفراج عن المعتقلين، صياغة دستور جديد للبلاد، عودة آمنة للاجئين..) وخاصة تطبيق بنود القرار الأممي 2254 ، وآستانا جاءت للالتفاف عليه، وجعله حبرا على ورق.


ست عشرة جولة ماراتونية لم تتقدم قيد أنملة في أي مجال من أجندات المباحثات، فلماذا الاستمرار، ولماذا تصر المعارضة على حضورها؟ وهنا بيت القصيد. فالمعارضة التي تقوم بدور الشاهد " ما شافش حاجة " تريد هي بدورها أن تعطي لنفسها إثبات الوجود، مع أن وجودها لا يختلف كثيرا عن عدمه، لأن الشعب السوري لم يعد يعترف بها، ولا الدول التي كانت تسمي نفسها: " أصدقاء سورية " وتبين أنها تصف في صف الأعداء، فمنها من غير من موقفه 180 درجة بحجة أن الثورة باتت تسيطر عليها مليشيات "إرهابية"، أن أنها انصاعت لمطالب إسرائيل بالإبقاء على النظام السوري "الحليف القديم"، أو أنها فضلت التعامل مع إيران التي بدورها تطالب ببقاء "الحليف القديم". ما يهم الروس في الدرجة الأولى هو الإبقاء على سيطرتهم على سورية، وضمان تواجدهم السياسي، والعسكري فيها، وهذا كان حلمهم البعيد الذي حققه لهم النظام الأسدي. فهل من المعقول أن يتخلى الروس عن حليفهم الذي أعطاهم مفاتيح سورية وأقفالها.. بالطبع لا، وقد قالها بوتين بالفم الملآن: من هو البديل؟ وهذا السؤال يعني أن لا ثقة بالمعارضة لقيادة سورية. فلماذا تصر المعارضة إذن الاستمرار في المشاركة في لعبة التسويف، وفي السير :" مكانك راوح ".