باب الهوى

معبر باب الهوى
معبر باب الهوى


لم يبق للنازحين السوريين، الذين يفوق عددهم  الثلاثة ملايين نسمة، لتلقي المعونات الأممية سوى معبر باب الهوى، إذ أقفل النظام، وروسيا باقي المعابر. وبقي هذا المعبر مفتوحا استنادا لمشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا، تم بموجبه تمديد آلية المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر “باب الهوى” في يوليو/تموز 2020.  وكان مجلس الأمن أقر عام 2014 السماح بعبور المساعدات الإنسانية الأممية من أربعة معابر برية في سوريا وهي: باب السلامة، وباب الهوى (مع تركيا)، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن. في مطلع عام 2020 صوت مجلس الأمن لصالح قرار يتيح عبور المساعدات الأممية عبر الأراضي التركية من خلال معبري باب الهوى، وباب السلامة، مما تسبب في إغلاق معبرين في شمالي شرقي وجنوبي سوريا. وفي يوليو/تموز من العام الماضي استخدمت روسيا حق النقض ضد مرور المساعدات الإنسانية من معبري باب الهوى وباب السلامة، ليقتصر دخول المساعدات على معبر وحيد، وهو معبر باب الهوى.  ومن المنتظر أن يعقد مجلس الأمن لقاء بعد العاشر من يوليو/تموز القادم من أجل تجديد التصويت على القرار رقم 2533، الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا من الحدود السورية التركية من معبر باب الهوى، ومع اقتراب موعد الجلسة، تحذر الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي من الإخفاق في تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا، مما قد يشكل كارثة إنسانية على أكثر من 3 ملايين سوري يقطنون في شمالي غربي سوريا. ومن المتوقع أن تقوم كل من روسيا والصين -حليفتي النظام السوري- باستخدام حق النقض ضد قرار تمديد إدخال المساعدات من معبر باب الهوى، الذي تتدفق عبره شاحنات الإغاثة الدولية والبضائع إلى سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية في محافظتي إدلب وحلب. و يخضع المعبر في الوقت الراهن لإدارة مدنية تتبع لحكومة الإنقاذ السورية في إدلب، وتوصف بأنها الواجهة السياسية لـ"هيئة تحرير الشام"، كبرى القوى العسكرية في محافظة إدلب . وتتذرع روسيا بأن المساعدات يجب أن تكون تحت إشراف حكومة النظام السوري بدمشق، وتطالب بأن تنظم الأخيرة عملية عبور الدعم والإغاثة من أراضي يسيطر عليها النظام. وتعلل موسكو ذلك بأن المساعدات تصل إلى من تصفهم بـ"الإرهابيين" من مقاتلي هيئة تحرير الشام في إدلب، وتزعم أن ذلك يدعم وجودهم في المنطقة، وفي حال نجاح روسيا في إغلاق المعبر وعدم تجديد آلية عبور المساعدات من خلاله إلى أكثر من 3 ملايين، سوف يحرم 2.3 مليون نسمة من المياه النظيفة، أو المياه الصالحة للشرب، وأكثر من 1.8 مليون نسمة من المساعدات الغذائية، وحرمان أكثر من مليون نسمة من الحصول على الخبز بشكل يومي. ومن نتائج الإغلاق الاقتصادية ارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع أسعار المواد والسلع الأساسية بنسب متفاوتة أبرزها المواد الغذائية. بوتين الذي يتصرف كحاكم سورية الفعلي، والمتحدث باسمها، مع الغياب الكامل لرأس النظام، أو ذراعه في الأمم المتحدة، نسي أن عملية نزوح السوريين إلى إدلب كانت بهندسة وخديعة منه في اتفاقات المناطق الآمنة. وكلمة آمنة لا تنطبق فقط على الأمن من القتل بالقصف العشوائي، الذي مازال مستمرا، ومازالت المقتلة السورية على أيديهم وأيدي النظام مستمرة، لكن الأمن يشمل أيضا الأمن الغذائي، والطبي. وموسكو تريد ان تحرم السوريين من الأمن على الأرواح، ومن الأمن الغذائي بإغلاق معبر باب الهوى، والطبي بقصف المراكز الطبية في المنطقة "الآمنة". إن تذرع روسيا بأن المساعدات تصل إلى الإرهابيين، ويجب أن يشرف عليها النظام، فهذا يعني أنها تريد للنظام أن يسرق قوت الملايين، وتعريف الإرهابي الحقيقي هو من يرهب الناس بالعنف والتهديد والقتل، فهل نعتبر تجريب روسيا كما صرح بوتين أسلحتها في لحم الشعب السوري، وقتل أطفاله هو عمل خيري؟. ومن المضحك أن روسيا منذ زمن الراحل الاتحاد السوفيتي دون أسف عليه، وحتى اليوم تتهم الغرب بالإمبريالية والسيطرة على الشعوب، وهي، أي الدول الغربية، تسعى اليوم لإغاثة النازحين السوريين الذين هربوا من قصف الأسلحة الروسية، والأسدية، الذين يتهمون الأخرين بالإرهاب، فمن قتل أكثر من نصف مليون انسان، وقتل عشرات الآلاف تحت التعذيب، وجرب أسلحته الكيميائية بالأطفال فهذا عمل بطولي لأنه خلص العالم من أطفال " إرهابيين" والآن يريد أن يجهز على الباقي بالتجويع، بإغلاق باب الهوى. الذي هو اسم قرية سورية قريبة أخذت هذه التسمية لأنها كانت بابا مفتوحا على الحب.