الصبار ، الصحراء ، اللعب في المدينة ..

معتصم الديري
الأربعاء, 13 أبريل - 2022
صورة تعبيرية(بعدسة معتصم الديري)
صورة تعبيرية(بعدسة معتصم الديري)

أضطرَّ أن يخبئ وردَ أيامهِ بين الصبارْ، يلفه طينٌ لمْ يَعدهُ في شيءٍ مرتقبْ.

ودعتني في ليل القرية الأسود ، الأصفر و الماطر و مشيت عابسا في أصفر إضاءة البلدية إلى معسكر في الأردن، مؤكد قد بدى له كقنٍ جديد، و مع ذلك آنسته فكرة تجربة حياة الجماعة في الصحراء، و هو الذي إن أتقن شيئا فقد كان الاستماع و مسايرة و عون من كان يصنفهم أصدقاء في الظلم و الفقر و الهامش المفروض و إن كنت ربما مرات تسخط أسرع مني من أنهم لا يسخطون.

هكذا عاش وقته في معسكر "الجابري" في صحراء الأردن، لكنه بداخله كان يستحي حين يمر شهر آخر عليه هناك و هو العائد الذي مؤكدا سيعود، هو المصنف في البلدة فذا، و هو الذي لم يقطف وبرتان من على فتاة و لن يقطف ههنا في هذه الأرض

ليس هذا أبلغ الهم، في الحقيقة الداخلية لم يعد يملك كل الدليل على الحياة في ذاك الوقت، و طالما قلنا سوية في الشباب الأول في دمشق أن تلك إن دامت هزيمة، فهي قد لا تكون مجرد سباحة مؤقتة لروح ضالة و ضجرة، تلك إن دامت قد تصبح شبه نهاية لنقل للمضيق عليه، للمضطهد : "التوصيف الذي يشبه سجن بأوطئ سقف في العالم".

زهير كان من هذه المنطقة، مذ قرأ مساحته الخاصة و لم يجد حصة محرزة من الركض، توقف على اعتبار هذه الفسحة تستحق المشاجرة دائما، أو لنقل لا تستحق أخذها كليا جديا مسايرة للموجود الضيق.

كان المعسكر في الأردن المجاورة يمتلأ بالشبان الذين لا حكومات و لا حالات تثور و تنزلهم قيمة نافعة و لازمة فوق تلك البلاد المقاومة.

و هكذا تدريجيا كانوا لم يعد يمتلكوا وطنا بداخلهم، أما هو فقد كان يمتلك الشجاعة و الحياة ليقنع صديقه الذئب بأن يعودا إلى سوريا.

و قبل أن يصبح حتى فصلُ البنادق نافذاً سكةَ المعقول، مجدداً عاد إلى الجنوب إلى الأبد .

العودة التي جاء وقت و رآها واجبة و حقيقة طبيعية لمصير طالما خبر عنه و اختاره.

و تصرف نحو ما يؤمن، كانت تلك الإنتماءة هي ما سيصير وطنا، ملجأ، بيتا، و ساحة لنار هذا الشاب الذي استأثر وقتها المقاومة على العاصمة.

كان طبعا سيحيا في "عمان" و يلد أفراحا و مسافات مرتاحة لقدميه الطويلتين، لكنه ضحك في سره و تجنبه .

هذا التردد الذي قلته هو ما كان يعصر شبانا كانوا لذاك الوقت صغارا في السباق لأنهم محجمو الذات من قبل و أيضا مرة أخرى في الحاضر، و يشاهدون ندهم كل يوم في التلفاز.

لكنهم في لحظة التقرير لم يكونوا تماما مسلوبي الإرادة، و ربما كان يواجههم مأزق شخصي: أنهم سيحاولون الولادة في وجه نجم مضطرب و ظالم، و لا أب لهم سوى الحماسة للغمار و تلبية فزع أهلهم، و النضال.

النضال الذي وجد فيه كل هؤلاء و ذاته و تزوجه.

لأنه إلى حد ليس قليل كان يعرف كيف تصنع الأيام من جلد الرجال، و عاد .

جاء إلى أولى البنادق التي هربت من ذهب أعناق النساء من هنا و هناك و تزوج أنه بريء و أيضا ربما قرار صواب.

مر بجانب بيته منذ اليوم الأول و لم يدخل، مر على الجسر و ليس معه إلا الذئب و ندرة نوعه، إلا الذئب و شعلة قلبه و قلة حظه فيما بعد.

ربما كان شخصيا على أمل تلك الأيام بأن هذا المصير النضالي سيصبح يوما ما أكثر حرية و متعة و طبعا ذا هدف أوضح مع الوقت.

يأتي و يغادر و يرتب بالليل، يسكن ذئبه و يحلم.

هكذا حتى أنتقل إلى أرض ما بين الصبار في أرض الحج رشيد، كانت أرض وعرة درى الجيش أن فيها مقاتلين لكنه لم يواجههم.

عاش هناك أوقات دريئته كفوف الصبار و ونسه مديح سري في القرية أنه عاد، و في الحقيقة كانت القرية كلها تعرف ، و فرحة به، و كان يمر بجانب بيته و على الجسر و لم يدخل.

يتنقل بين بيوت الثوار كأنه شبحهم الأسود المحترف الصديق ، من بيت " باسل المطلق " إلى بيت "أبو صقر" و "سين " الذي سينجو.

حتى ما عاد يهمه أنه سر يلبس قناع، و لا يريد لأصدقائه هذه الحياة.


الوسوم :